"بين طوفان الأقصى وطوفان نبي الله نوح"
"بين طوفان الأقصى وطوفان نبي الله نوح"
وصف المجاهدون في غزة وفلسطين معركتهم مع المحتل اليهودي ب"طوفان الأقصى" والحقيقة أن هذا الوصف قد أثار انتباهي بشدة فوجدتني أعقد مقارنة بينه وبين "طوفان نبي الله نوح" لامن حيث الفاعل والقدرة ولكن من حيث الأسباب والنتائج..
لاشك أننا سمعنا وقرأنا عن قصة الصراع بين الإيمان والكفر؛ بين نبي الله ومن آمن معه وبين قومه من الكفار والذي امتد لما يقرب من عشرة قرون دون جدوى لدرجة أن نبي الله نوح لجأ إلى ربه قائلاً:"إنّي مغلوبٌ فانتصر" فجاء الطوفان لينجّي الفئة المؤمنة القليلة ويهلك الكثرة الكافرة؛ ومما لاشك فيه أن البشرية بعد الطوفان قد اختلفت تماماً عنها قبله.وبين أيدينا طوفان من نوع آخر ألا وهو "طوفان الأقصى" وكأن من وصفوه بذلك قد تأثروا بالطوفان الرباني والذي ميّز الله به بين الحق والباطل؛ فجاء هذا الطوفان ليميّز أيضاً بين فريقين؛ فريق استسلم للواقع المر والذي يعيشه المسلمون بين قهرٍ وخوفٍ وذل وآخر أخذ على عاتقه مجاهدة المحتل دفاعاً عن الأرض والعِرض ومن قبله عن المسجد الأقصى والذي يئن تحت وطأة الإحتلال..وكما قلت جذبني هذا الوصف فذهبت أفتش عن الأساس الشرعي الذي يصف الوضع الذي تحرك به المجاهدون؛ فوجدتُ حديثاً متواتراً رواه الشيخان(البخاري ومسلم) وجاءت صيغة البخاري عن المغيرة بن شعبة-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:" لايزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون " وجاءت صيغة مسلم" لاتزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لايضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتيَ أمر الله وهم ظاهرون على الناس" وكذلك قال عبد الله بن الإمام أحمد:وجدتُ بخط أبي؛ثم روى بسنده إلى أبي أُمامة قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"لاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين ،لايضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك " قالوا:يارسول الله وأين هم؟ قال:" ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس " وأخرجه الطبراني.قال الهيثمي في المجمع،ورجاله ثقات.. وحيث ذا سأجمع بينه وبين الحديث السابق المتفق عليه فأقول: الحديث المتفق عليه يصف عامة أهل السُنّة والجماعة خاصة من تتحرك في عروقه دماء الأحرار وهؤلاء لايخلو منهم بالطبع زمان أومكان ؛ أما حديث أبي أُمامة فهو يصف طائفة مخصوصة ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.وهذا ينطبق تماماً-حسب ظني-على الوضع الحادث في فلسطين فالطائفة المجاهدة يؤيدها ويناصرها كل حرٍ في العالم ولكن حبسهم العذر عن مناصرة إخوانهم في فلسطين..وكأني بهذه الطائفة قد قامت بالجهاد نيابةً عن الأمة الإسلامية الضعيفة ولاشك أن من هذه الأمة رجالٌ يدعمون جهاد إخوانهم ولايرضون بالظلم ولا بالذل والقهر ولكن منعهم من المشاركة الميدانية عوامل معقدة صنعها الإحتلال الغربي بالدول الإسلامية فحبسهم هذا العذر عن المناصرة؛ يؤيد ذلك الحديث الذي رواه البخاري عن أنس-رضي الله عنه قال: رجعنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" إن أقواماً خلفنا بالمدينة ماقطعنا شِعباً ولا وادياً إلا وهم معنا ، حبسهم العذر"..ومعنى: ماأصابهم من لأواء في حديث أبي أمامة: أي ماأصابهم من مرضٍ وشدة وجوع وخلافه؛ وهذا ما يعيشه بالفعل المجاهدون وجميع إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين؛ لذلك ظني أن الحديث ينطبق عليهم تماماً وأن النصر سيكون حليفهم بإذن الله وأن "طوفان الأقصى" سيميّز الله به بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل؛ ومن واقع مانشاهده يومياً من نتائج هذا الصراع نجد أن الفئة المجاهدة تحقق إنتصارات يعجز المحللون العسكريون والسياسيون عن تفسيرها ومن خلفهم شعبٌ يؤيدهم رغم مايتعرض له من إبادة جماعية يشترك في صنعها نتنياهو وجيشه يدعمهم كل الحكومات الكارهة للإسلام وعلى رأسهم حكومة (أميركا) ورغم ذلك فهم يتلقون الهزائم تلو الهزائم والخسائر تلو الخسائر في الأفراد والمعدات وقد تحقق في ذلك قول الحق تبارك وتعالى"كم من فئةٍ قليلة غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله ،والله مع الصابرين" ولاننسى أن المجاهدين قد أعدوا مااستطاعوا من قوة وذلك عملاً بقوله تعالى:"وأعدّوا لهم مااستطعتم من قوة.... " وسوف تثبت الأحداث تباعاً مدى دقة هذا التحليل.
جمع وترتيب وتحليل..أحمد سعيد قنديل
غرة رمضان ١٤٤٥الموافق الإثنين ١١مارس ٢٠٢٤
تعليقات
إرسال تعليق