"دروس من غزوتي أُحد وحُنين"

"دروس من غزوتي أُحُدوحُنين"..مارس٢٠١٤

في غزوة"أُحُد" وماأدراك ماغزوة "أُحُد".. لقد كان المسلمون مستعدين لها تماماً  عكس " بدر" والتي لم تكن أحداثها في حسابات المسلمين يومئذ؛ حيث كان النصر للمسلمين في البداية ولكن ومع الأسف انقلب النصر إلى هزيمة كادت تعصف بالدعوة الإسلامية كلها متمثلة في شخص الرّسول-صلّى الله عليه وسلـم-وذلك حين سعى المشركون إلى قتله.
خالف بعضُ الصحابة أمر النّبي حين أمرهم ألّا يبرحوا أماكنهم حتّى لو تخطّفهم الطّيرُ؛ ولكنّ الرّماة ظنّوا حين لاحت بشائر النّصر أنّ المعركة قد حُسمت خاصّةً وقد شاهدوا بأعينهم جمع الغنائم فتركوا أماكنهم في مخالفةٍ صريحة لقائدهم؛ وفي هذا السياق ينزل القرآن معاتباً لصحابة نبيه و مبيّناً لهم دون محاباة أنّ من هؤلاء الأفاضل من يريد الدُّنيا حيث قال تعالى:" منكم من يريد الدُّنيا ومنكم من يريد الآخرة......."
فهل تُرانا كنّا نريد الدُّنيا حين سارعنا بإنشاء حزب سياسي..؟!
أقول: لاشك أنّ منّا إن لم يكن معظمنا كان يريد الدُّنيا لذلك عُوملنا بخلاف قصدنا إذ أن القرآن وكما أسلفنا لايُحابي أو يجامل أحداً؛ لقد كان العتاب شديد اللهجة للصحابة الكرام-رضوان الله عليهم- بسبب وقوعهم في تلك المخالفة، فكيف بنا ونحن لانرقى قطعاً لجزء يسير من فضلهم ؛ ثم حين ظن الصحابة انهم لن يُهزموا من قلة في غزوة حُنين؛ جاءت الهزيمة السريعة مع بداية الغزوة حتى رأينا كبار الصحابة يفرون من حول نبيهم؛ ثم مالبثت الهزيمة أن تحولت لنصرٍ حين أحدثوا توبة؛ فتجمعوا سريعاً حول نبيهم مستشعرين أن النصر من عند الله وحده وليس بكثرتهم وعتادهم.
إنني إذ اذكر هذا!.. أتذكر في ألم وحسرة لغة الحديث لكبار العلماء والدعاة والتي لم تخلُ من كِبْر من على منصة التجمع الكبير في جمعة تطبيق الشريعة والتي اشتهرت على ألسنة الكثير" بجمعة قندهار".. لقد ظن الكثير منّا أن الأمر قد دان لنا فخرج كثير من الدعاة على الفضائيات يتحدثون بلغة الواثق والتي لم تسلم قطعاً من مسحة غرور.
لقد كنّا نعيب على هذا الفصيل والذي آل إليه الحكم انغماسه في السياسة من زمن وتنازلاته عن بعض الأمور الشرعية في سبيل تحقيق بعض المكاسب السياسية من وجهة نظرهم مع كونهم يؤكدون دوماً أن قصدهم خدمة الإسلام. فما بالنا حذونا حذوهم وسلكنا مسلكهم وانغمسنا مثلهم في وحل السياسة ونحن نعلم يقيناً أن هذا خلاف هدي الأنبياء والمرسلين.
لازلتُ أذكر في أسى أن احد الدعاة قام خطيباً فيما سُمّي بجمعة الغضب  إبان ثورة يناير وهو يحذر في حماس شديد من مغبة الخروج على الحاكم وأن معايشة الظلم دهراً خيرٌ من معايشة الفوضى يوماً؛ ثم هو هو نفس الشخص يخطب بعدها لنصرة امرأة سجينة ؛راح يحث كثيراً من المتحمسين لخطبه بالسفر معه للقاهرة لنصرتها. كم ساءني هذا التصرف وقتها إذ شعرت أنه قد جانبه التوفيق والصواب فالإسلام العظيم لن يزيد من قدره دخول أوخروج أحد منه وأن هناك من الأمور الجسيمة مايعد أهم وأعظم من ذلك.
إنني حين اتحدث بمرارة عن أخطاء المرحلة الماضية أتذكر والألم يعصرني القتلى والجرحى والمعتقلين بسبب تلك الأخطاء؛ وكما أسلفنا فإن القرآن لايحابي أحدا.
لقد قُتلَ حمزة-رضي الله عنه- ومُثّل بجثته كما قُتل مصعب بن عُمير وأنس بن النضر في سبعين من الصحابة بسبب خطأ واحد ارتكبه بعض الرماة حين خالفوا أمر نبيهم؛ فهل يصح لنا بعد ذلك ان نعفي أنفسنا من دماء قتل من قُتل وسِجن من سُجن وقد ارتكبنا ماارتكبناه من أخطاءٍ جسيمة؟!
إن من شؤم السياسة وبؤسها أن نرى أحد كبار الدعاة ممن تعلمنا على يديه أصول التوحيد وهو أحد فرسان الدعوة والذي اشتهر بسعيه الدؤوب لحل كثير من المشاكل والخلافات بين الاخوة ؛نراه اليوم وقد تعرض لأشد عبارات السب والتجريح وكأني بلسان حاله يقول: ما كان أغنانا عن هذا كله لو تجنبنا الدخول في وحل السياسة القذر.
لاشك أن الصراع السياسي على كرسي زائل أو منصب فانٍ لايُنظر إليه أبداً من الناحية الشرعية بل هو عند الكثيرين لايتعدى كونه صراع دنيوي رخيص.
لقد بتُّ أوقن الآن بعد ظنٍ قديم أن تجنبنا للسياسة كان فيه الخير كل الخير لديننا ودنيانا؛ كثيراً ماكنتُ أخشى استغلال مظهرنا الإسلامي في الطعن في الإسلام ذاته  وقد حدث مع الأسف! فرأينا من أطلق لحيته وكأنه جُهز لغرضٍ وضيع صاغ الإعلام منه حكايات وأساطير وهمية وذلك من جرّاء أقواله وتهديداته.
أجل؛ لقد رأيت احد الملتحين يتحدث بانفعال عن استخدام التفجيرات وحجته أن الطرف الآخر من هو من بدأ العنف؛ وسواء كان هذا الملتحي ينتمي حقاً للتيار الاسلامي أو كان مجنداً لأحد الأطراف المستفيدة إلا أن تأثيره في عوام الناس في منتهى الخطورة؛ إذ أنك تستطيع بمشهد واحد التأثير في ملايين البشر أما تصحيحه بعد ذلك في أذهانهم فيحتاج إلى شهور فضلاً عن سنوات.
وكما استُغل الشخص الملتحي استُغلت أيضا المنتقبة في ضرب الاسلام والمسلمين في مقتل؛ فما أسهل تجهيز مثل تلك النوعيات لاستخدامها في الوقت والزمان المناسبين  والذي ساعد على ذلك بلا شك دخولنا وانغماسنا في وحل السياسةالقذر.
كان الأحرى بنا أن نظل في دعوتنا ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ ثم ماهذا التفرق المقيت بين ابناء الشعب الواحد حتى انقسمنا وتشعبنا بكل أسف إلى إسلامي وعلماني ولبرالي ويساري وغير ذلك...ونسينا قوله تعالى:"إن اكرمكم عند الله أتقاكم..."
فهل تتحقق التقوى وهو عملٌ قلبي لايعلمه إلا الله بالمظهر الاسلامي وحده؟!..بالطبع لا..فرب علماني أو لبرالي أو يساري عنده من معاني البر والإحسان مايفوق الكثير ممن ينتسبون للتيار الإسلامي.
فمما لاشك فيه اننا جميعا في اختبار كبير لايعلم نتيجته إلا الله وحده؛ فليتنا والأمر كذلك ان نتعامل سوياً برقي وشفافية وحب ورؤية شمولية من شأنها أن تُجمّع  لاتفرِّق.
لقد آن الأوان لأن ننبذ جميع خلافاتنا وننحيها جانباً و ليحتضن كلٌ منّا أخاه؛ فإن لم يكن أخاه في الدين ففي الاخوة الانسانية إذن متسع.

كتبه العبد الفقير إلى ربه..أحمد سعيد
مارس 2014
ّ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحليل وتلخيص رواية ميرامار

"الحبيب الحائر"

"الصف الأخير"