"بحث في تعدد الزوجات"
تعدد الزوجات"
تناقش صديق لي مع زوجته و أولاده حول مدى أحقية الرجل في التعدد، وهل يلزم الرجل أن يصارح زوجته بذلك أم له أن يخفي عنها الأمر وحين تنازعا في ذلك أحالا الأمر لي لأدلي فيه برأيي فقمت بكتابة هذا البحث المتواضع...مما لاشك فيه أن شريعة الإسلام الغرّاء قد أباحت للرجل الزواج بأكثر من واحدة لحكم وفوائد قد يقصر عقل الكثير منّاعن الإحاطة ببعضها فضلاً عنها كلّها، ولست بصدد بسط هذا الموضوع وسرد فوائده ولكن سيدور بحثي حول داعي التعدد للرجل من ناحية ومن ناحية أخرى موقف الزوجة من ذلك.إن الأصل في الزواج هو التعدد ومصداق ذلك قوله تعالى"....فانكحوا ماطاب لكم من النّساء مثنى وثلاث ورباع...." وفي هذا بيان لإباحة هذا الأمر ولكن قُيّد هذا المباح بشرط تحقيق العدل..قال تعالى" ...فإن خفتم ألّا تعدلوا فواحدةً أو ماملكت أيمانكم..".من هذا يتبين أنه لاجناح على الرجل البتة في التزوج بثانية متى رأى في نفسه القدرة على تحقيق العدل،وإن كنتُ أرى أن ذلك ليس بالأمر الهين فقد قال جل شأنه" ...ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم....." هذا مايتعلق بالشطر الأول من السؤال ، أماالشطر الثاني وهو:هل للزوج الحق في أن يخفي زواجه الثاني عن الأولى لأي سبب من الأسباب؟أقول:نعم له ذلك إن كان الأمر دون الفضل؛ أما من ناحية الفضل فأرى ان ذلك يقوّض صرح الوفاء بين الزوجين ولا أظن كريماً. يصنع ذلك الّلهمَّ إلا عند الضرورة القصوى؛فقد حض رسولنا الكريم-صلوات ربي وسلامه عليه-على الإحسان إلى الزوجة وعدم إيزاء مشاعرها قائلاً:" خيركم خيركم لأهله..." هذاو للزوجة أن تشترط على الزوج عدم الزواج بأخرى؛ وعلى الزوج أن يفي بهذا الشرط..قال الإمام أحمد-رحمه الله-وكثير من العلماء :(المشروط عرفاً كالمشروط لفظاً)..بمعنى أن الزوجة إن كانت من أسرة لايعرف عنها التعدد فحينئذ تكون الزوجة على هذا الشرط وإن لم تتلفظ به..وأما قول البعض أن إخفاء الزوج للزواج الثاني يترتب عليه مفاسد متوقعه ودللوا على ذلك بقصة لا أظنها تحدث سوى في خيال قصاص وفحواها ان زوجا تزوج بأخرى وأنجب منها بنتا ثم بعد سنوات تعرف ابن الزوجة الأولى على بنت الزوجة الثانية وحين ارادا الزواج إكتشفا الحقيقة المؤلمة.. أقول أن هذه القصة على فرض صحتها وحدوثها فلايجوز بالطبع أن نستشهد بها لنحلَّ حراماً او لنحرَّم حلالا؛هذا مع كون ان الولد والبنت أبطال القصة الخيالية يشتركان معا في إسم الأب والجد فما الحكم إذا كان الأمر أصعب من ذلك فمثلا أسرتان متجاورتان سكناً واشترك طفل من الأسرة الأولى مع طفلة من الاسرة الثانية في الرضاعة ثم لسبب أو لآخر تفرقت الأسرتان ومع الزمن كبر الطفل والطفلة وتقابلا معا في الجامعة او النادي أو أي مكان وتولدت بينهما عاطفة شرعا على إثرها في الزواج دون أن يعلما أنهما أخوان بالرضاعة .إن مثل هذه القصة مع كونها قد تحدث وهي أكثر واقعية من سابقتها إلا أن أحداً لم يقل: أيها الناس ابطلوا الرضاعة حتى لانقع في مثل هذه المشاكل.إن شرع ربنا عز وجل كله خير وأن تراءى لنا في بعض الأحيان غير ذلك وأما مايحدث للزوجة من الألم النفسي حين تبتلى بالزواج عليها فلاشك انه الم فطري محتمل وإلا ماشرع الله التعدد أصلا قال تعالى" ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"إن الفرق بين المؤمن وغيره هو سرعة الإستجابة لأوامره -سبحانه وتعالى -حتى وإن كانت على غير رضاه، ألا تري معي ان إخراج الزكاة يؤلم البخيل أشد الألم ومع هذا يقوم به إرضاءاً لربه مع حدوث الألم النفسي له، وقد صح عن النبي-صلوات ربي وسلامه عليه-قوله"حُفت النار بالشهوات وحُفت الجنّة بالمكاره".هذا وأرجو من أخي الحبيب وأختي الفاضلة أن يتفهما موقفي جيدا فأنا لاأحابي أحداً على حساب الشرع حتى وإن كان رأيي الشخصي يميل إلى موقف الزوجة، وأهمس في أذن صديقي وأخي..من ظن أنّ السعادة تتحقق في الزواج بثانية على حساب سعادة أسرة تضم زوجة حنون يفيض قلبها بالمشاعر الجياشة وأبناء تشع السعادة من قلوبهم وتنطق بها عيونهم فهو كمن يلتمس ضوء الشمعة ويؤثره على نور الشمس الساطع.واختم بحثي المتواضع بهذه القصيدة والتي تدور حول نفس الموضوع.يقول الشاعر:
تزوجت اثنين لفرط جهلي.....بمايشقى به زوج اثنتينِ
فقلت أصير بينهما خروفاً......أُنعَّم بين أكرم نعجتينِ
فصرتُ كنعجةٍ تضحي وتمسي....تداول بين أخبث ذئبتينِ
رضا هذي يهيّج سخط هذي.....فما أعرى من احدى السخطتينِ
وألقى في المعيشةِ كلّ ضرٍ.....كذاك الضرِّ بين الضرتينِ
لهذي ليلةٌ ولتلك أخرى.....عتابٌ دائمٌ في الليلتينِ
فإن أحببتَ أن تبقى كريماً....من الخيراتِ مملوء اليدينِ
فعش عذباً فإن لم تستطعه...فضرباً في عراض الجحفلينِ
هذا البحث بقلم.. أحمدسعيد
تعليقات
إرسال تعليق